شهادة الحق واقترانها بالمصير
إن العدالة وقول الحق بمثابة النجاة من حبل المشنقة ، التفوه به وعدم الحياد عن قوله
هي الفطرة التي جَبلنا الله عليها فلقد خُلِقْنا لنشر الحق والدفاع عنه باستماتة ولو على رقابنا،
فوقوع الظلم له عاقبة كبيرة على مَنْ ساعد على تفشيه وانتشاره بتلك الطريقة المُزرية،
فيجب أنْ يعلم كل منا أنه سيُحاسَب على ما تنطق به شفتاه يوم القيامة ويعمل لذلك
اليوم العظيم الذي يشيخ به الولدان ولا ينقذ أي منا أحداً غير ذاته ولسوف تشهد عليك
حواسك بما اقترفت من ذنوب وبما فعلت من أخطاء سواء بقول أو بفعل، فلا تخش إنساناً
بل احذر عاقبة تلك الأفعال التي تؤدي لنتائج وخيمة لن يذوق مرارها سواك، فلا تحابِ أو تجامل
أحداً فلن يحمل أحد وزرك عنك أو يتحمل نتيجة أخطائك التي قمت بها لأجله، فلتُركِّز في
إنقاذ ذاتك من عذاب جهنم وبئس المصير ، فلن يتحكم أحد في قراراتك فأنت المسئول الأول
والأخير عنها فلا تَلُمْ سوى ذاتك وعاقبها وحاسبها وقم بتأنيبها من وقت لآخر حتى تعتاد ذلك
الحساب الذي سوف تناله يوم القيامة وكأنه تمهيد وتدريب لذلك اليوم العظيم ،
فمحاسبة النفس ولومها على ما ارتكبت من أخطاء هي من شيم النفس الذكية الطيبة
التي تسمو بنفسها عن السقوط في الخطأ مهما كان بسيطاً أو جسيماً فلن يفرق
في دار الآخرة حجم تلك الأخطاء ، والمؤمن الحق هو مَنْ يتوب بشكل قاطع عن اقتراف
الذنوب قبل فوات الأوان وقيام الساعة ووقتها لن يتمكن من إنقاذ نفسه التي ساقها إلى
طريق المعاصي وقادها في النهاية لهذا المصير السوداوي المؤسف الذي يخجل منه الجميع
ويخشونه طيلة حياتهم ، فعلينا مراقبة أفعالنا وتقويم سلوكياتنا طوال الوقت قبل الوصول
ليوم الحشر الذي لا يدافع فيه أحد عن غيره ولن ينفعك سوى عملك الصالح ورحمة الله التي
تحاوطك وتُغلِّفك من كل جانب فترجح كفة أعمالك الصالحة وتدخل الجنة وتنعم فيها ذاك النعيم
الأبدي الذي يطمح له كل امرئ ويسعى جاهداً للوصول إليه ونيل شرفه والتجرع منه حد الارتواء
فيكون بمثابة الظامئ الذي وَجد شربة ماء بعد قطع طريق طويل في صحراء قفر جدباء هي الدنيا
بكل ملذاتها المؤقتة التي تكون كإغراء للبعض لإلهائهم وإبعادهم عن الطريق المستقيم السليم
وتكون تلك هي طامتهم الكبرى في سعيهم وراء تلك الإغواءات والتضحية
بنعيم الآخرة الدائم الذي لا ينقطع أو ينضب …
.
