الإطار الأيديولوجي للرواية

الأديب: عبده حسين إمام

ما من شك أن أي عمل أدبي والروائي خاصة لا يكتمل بناؤه بدون بعد فكري و أيديولوجي

قد يختلف في تبديه من نص إلى آخر وصولا إلى أن تصور الأدب ينطوي على بعد أيديولوجي واضح ومحدد.

   تعرف الأيديولوجية لغويا في أصلها الفرنسي علم الأفكار فهي كلمة تتكون من شقين idéo. Logis

فيعني الشق الأول الفكرة ،idéo أما الشق الثاني العلم. Logis، واصطلاحا “الإيديولوجية نظام فكري

أو نسق من الأفكار التي يعتنقها مجموعة من البشر، وتحدد رؤية العالم أو تفسير ظواهره،

وترسم من ثم أسلوب مواجهة الحياة وقد يتضمن النسق بعض التناقضات ولكنها تستخدم بطريقة

تخفي تناقضها عمن يعتنقونها” كما ورد بكتاب د/ محمد عناني “المصطلحات الأدبية الحديثة”

سواء كان مفهوم الأيديولوجية سياسيا أو اجتماعيا أو معرفيا.

أما عن علاقة النص السردي بالأيديولوجيا، فإنها علاقة مركبة تمتزج فيها تقنيات السرد والوصف

والتي تسهم في إبراز البعد الأيديولوجي داخل الرواية والتي تعكس عادة الصراعات الأيديولوجية

في ثقافتها سواء أكانت تقصد ذلك أم لا؛ لأن الكتاب مثلنا يتأثرون بالنزعات الأيديولوجية في أزمانهم.

وبتسليط الضوء على المنتج الروائي منذ عام 1990م وما تبعها من أحداث فاصلة معظمها

داخل منطقة الشرق الأوسط بداية من تفكك الإتحاد السوفييتي وأثر فلول الجماعات المسلحة

من أفغانستان على بعض الدول العربية واستهداف مواطنين آمنين بأعمال إرهابية بغيضة

 ثم حرب الخليج الثانية وما آل إليه الوضع في دولة العراق ثم أحداث ما عُرف إعلاميا بالربيع العربي،

كل ما سبق عُدَّ مخاضا صاخبا وحافزا ملِحَّا لإنتاج أدبي وروائي كثيف.

 ونجد تطبيقا صادقا في النماذج التالية 

الروائي الليبي إبراهيم الكوني في روايته (فرسان الأحلام القتيلة)،

وللروائي المصري علاء الأسواني في روايته (عمارة يعقوبيان)،

وللروائي الجزائري واسيني الأعرج في روايته (أصابع لوليتا)،

وللروائي المصري ناصر عراق (العاطل).  

ارتكزت كل رواية وفق منظور كاتبها ومعطياته الفكرية النابعة من قضايا وطنية وهموم داخلية

وإن اتفقت جميعها على تعميق البعد الأيديولوجي واتخاذ معادل للانتماء الوطني مثل الهجرة

في رواية ناصر عراق، أو معادل الحوار واستنكار التطرف في رواية واسيني الأعرج، 

أو كما في رواية الكوني بمواجهة الفساد؛ في حين استحوذ التفكك الاجتماعي والطبقي رواية الأسواني.

والنماذج الأدبية كثيرة تعددت رؤاها في استقراء الواقع الداخلي ومرئياته وتطلعاته البناءة

في كل مجتمع من المجتمعات العربية.

وتبقى مواجهة التطرف هي حجر الزاوية والتجلي متعدد الوجوه في المنجز الروائي في

تلك الحقة الحرجة من التاريخ.

ولولا الصحوة الفكرية والانتباه المسبق من أصحاب الفكر والأدب لدحض كل فكر منحرف

وما يوازيه من يقظة أمنية لما هنأ مجتمعنا بالأمن والأمان المنشود الذي يقعِّد للرقي والنماء والاستقرار.

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.