ليتنا نجعل الصلاة بداية كل أمور حياتنا لتغيَّرت نظرتنا للحياة بأسرها وصرنا قادرين على إنجاز وإتمام
كل مهامنا بكل عَزم وحماس دون تراخٍ أو كسل ، فالصلاة هي الدافع الأساسي والمُحرِّك الفعلي
لكل البشر ولولاها لتاهت مقاصِدهم وتعثرت سُبلهم في الوصول للمُراد وضاعت كل أمانيهم ،
فمِن خلالها يصل الدعاء للخالق الذي يستجيب لعباده ويحقِّق لهم أحلامهم في وقتها المناسب المحدَّد لهم
منذ بدء الخليقة وبخاصة إنْ أَلحَّ العبد في مطلبه كثيراً دون أنْ يَمِل أو ييأس ،
فليتنا نواظب عليها كما ننتظم في أداء أبسط الأمور الحياتية التي تحتاج لمجهود جبار ،
فالصلاة لا تحتاج سوى لنية خالصة وحُسن إقبال وقلب خاشع بحيث يؤديها المؤمن بحُبٍ ورغبة في التقرب من خالقه
دون أنْ يتكاسل عن أدائها ولو أصابه بعض الفتور فهو على علم أنه سيزول في وقت قريب ،
فعليه أنْ يظل على اتصال دائم مع الله حتى لا ينقطع عنه حبل الرحمة الذي يشمله ويبعد عنه المِحن والكُرَب
والشدائد ويَقيه المصائب والفِتن ويُنقِذه من الكوارث التي يكون على مقرُبة منها دون أنْ يدري ،
فللصلاة فضلٌ عظيم على حياة الفرد قد يجهله تماماً ولكنه يستشعر الفارق الكبير الذي يَحِل به
حينما يداوم عليها وحينما يَعرِضْ عنها بمحض إرادته وكأنها أمرٌ ثانوي غير مكلَّف به على الإطلاق ،
فعقوبة ترك الصلاة كبيرة إنْ أدركها المؤمن ما غادر السجود أبداً لآخر نفس يَلفظه ،
فهو يرغب أنْ يغفر الله له ذنوبه وزلاته ويجعله من الصالحين الذين يدخلون جنات النعيم ويترغدون فيها
بلا سابقة عذاب أو شقاء كغيرهم مِمَّنْ فضَّلوا الدنيا وتغافلوا عن الشعائر الأساسية التي تُوصِّلهم للمصير المرغوب
في نهاية المطاف ، فالأمر ليس بتلك الصعوبة التي يتخيَّلها الجميع فلو اعتاد كل منا أداء الفرائض لشَعَر بالنفور
من ذاته إنْ تأخر عنها لبعض الوقت القليل أو فاتته وضاعت منه رُغماً عن إرادته ،
فلا بد أنْ نعلم يقين العلم أن ملذات الدنيا غير دائمة ولن تنفعنا سوى صَلاتنا وأعمالنا الصالحة
التي تُوصِّلنا لمقابلة وجه كريم والتمتُّع بالنظر إليه ومناجاته في جنات الخُلد التي نهنأ فيها بخاتمة مُرضيَّة
إنْ سعينا لرضا الله وابتعدنا عمَّا يُغضِبه وتوقفنا عن معصيته وإنْ حدث فلا نتمادى أو نُطيل عمداً ،
فالله يقبل التوبة على مدار حياة المرء إلى أنْ تأتي سكرات الموت فيُغلَق باب التوبة حينما يدرك الواحد منا
مصيره ومقعده من الجنة أو النار لذا علينا اللحاق بالتوبة قبل فوات الأوان وانقضاء العمر في سفاهات لا جدوى منها تماماً ،
فهي تُضيِّعنا لا مَحالة دون القدرة على إيجاد مَنْ ينقذنا في تلك اللحظات الأخيرة أو في ذاك اليوم العظيم
الذي لن يشفع لنا فيه أحد أي خطأ اقترفناه على مدار حياتنا ، فكيف يحدث ذلك إنْ كان أقرب جزء
في جسدنا يُنكرنا ويتبرأ منا ويغفل عن الدفاع عنا في هذا الموقف العصيب ،
فلا عليك أنْ تُهدِر حياتك وتضحي بصلاتك التي تنقذك في مثل ذاك اليوم وتملأ صحيفة أعمالك بالحسنات
فتكون سبباً في دخولك الجنة بعد أنْ تنال غفران الله لبقية ذنوبك التي لا تعلم عنها شيئاً فكل أمر
مسجَّل في اللوح المحفوظ ولن تفلت من العقاب مهما حاولت ولو نجحت في ذلك في الحياة الدنيا
فهذا لم يحدث سوى بمشيئة الله الذي يلحق بك العقاب ولو بعد حين فهو المُنصِف الحَقْ ،
فلا تغرنَّك الحياة بكل ما فيها من مَتاع فالله لا يغفَل عن سهواتك أو يتجاوز عن سيئاتك التي قد تصل للموبقات
إنْ لم تضع رادعاً أو حداً لنفسك ، فلا تقترب الشُبهات وإنْ شعرت لوهلة أنها مُحرَّمة فبهذا تتقي السقوط في المعاصي
وتبعد عن حافة الهاوية التي قد تنزلق بعدها في الجحيم والعياذ بالله ،
فكُنْ على تواصل مع الله ولا تنقطع عن ذِكره في كل وقت وحين ولو كان بمثقال قراءة بعض الأذكار التي تُقرِّبك من الله
وتُحصِّنك من الشرور وتجعل الراحة تسري في جسدك طوال الوقت فتملأ الطمأنينة قلبك ،
فلا تستهن بتلك الأمور التي تُوطِّد علاقتك بالخالق مهما كانت بسيطة فربما كانت السبيل الوحيد لنجاتك
…