مدير المركز الفرنسي: استقرار المتوسط يبدأ من ضمان حقوق مصر المائية

مدير المركز الفرنسي: استقرار المتوسط يبدأ من ضمان حقوق مصر المائية

طه المكاوى

سد النهضة قضية إقليمية ودولية وليست شأنًا محليًا.. ومصر أسقطت مشروع تهجير الفلسطينيين

أكدت الدكتورة عقيلة دبيشي، مدير المركز الفرنسي للدراسات، أن قضية سد النهضة الإثيوبي تعد أخطر ملف تواجهه مصر والمنطقة في الوقت الراهن، موضحة أن الأمن المائي المصري لا يقتصر على كونه شأنًا داخليًا، بل يمثل قضية استقرار إقليمي ودولي تتداخل فيها اعتبارات الأمن، والهجرة، والتنمية، ومصالح أوروبا والبحر المتوسط.

الأمن المائي.. قضية حياة أو موت

وقالت دبيشي إن أكثر من مئة مليون مواطن مصري يعتمدون بشكل رئيسي على نهر النيل كمصدر للحياة، وبالتالي فإن أي مساس بحقوق مصر التاريخية في مياهه سيترتب عليه تداعيات كارثية، ليس على القاهرة وحدها، بل على استقرار المنطقة بأكملها.

وشددت على أن فرنسا، بحكم علاقاتها الاستراتيجية مع مصر وعضويتها الفاعلة في الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، قادرة على لعب دور مؤثر في دعم الموقف المصري والضغط باتجاه حل عادل ومتوازن. وأضافت أن أي اختلال في استقرار مصر سينعكس مباشرة على البحر المتوسط وأوروبا، سواء عبر موجات هجرة غير شرعية أو اضطرابات اقتصادية وأمنية.

فرنسا وشراكتها مع القاهرة

وأوضحت مدير المركز الفرنسي أن دعم باريس للقاهرة في ملف المياه سيحمل دلالات سياسية واضحة، أهمها أن فرنسا ملتزمة بشراكة استراتيجية حقيقية مع مصر، وليست مجرد شراكة شكلية أو ظرفية. وقالت: “الأمن المائي المصري لا يقبل المساومة، إنه قضية وجودية تمثل حياة أو موت بالنسبة للشعب المصري.”

الموقف المصري من القضية الفلسطينية

وفي سياق آخر، تطرقت دبيشي إلى الأزمة الفلسطينية، مؤكدة أن مصر رفضت بشكل قاطع أي مشاريع لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وأن هذا الرفض كان حاسمًا في إسقاط بعض الطروحات التي حاولت أطراف إقليمية ودولية تمريرها خلال الأشهر الماضية.

وأضافت أن فرنسا تدرك خطورة هذه الطروحات، لأنها تمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة بأسرها، مشيرة إلى أن من مصلحة باريس دعم الموقف المصري داخل الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن، حتى لا تتحول فكرة التهجير إلى مشروع يفرض بالقوة، بما يفتح أبواب انفجار أمني وسياسي واسع يضر بالمصالح الأوروبية ذاتها.

اتهامات نتنياهو لمصر

وأشارت دبيشي إلى تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة، التي اتهم فيها مصر بعرقلة خروج الفلسطينيين عبر المعابر، ووصفتها بأنها “غير منطقية ولا تعكس الحقائق على الأرض”، موضحة أن مصر تتحمل عبئًا كبيرًا في إدارة الحدود والمعابر، وتقوم بدور محوري في منع اتساع دائرة الصراع وحماية المدنيين.

وحذرت من أن صمت باريس إزاء مثل هذه الاتهامات قد يُفهم كنوع من الرضا الضمني، وهو ما يضعف صورتها في المنطقة ويعطي انطباعًا خاطئًا عن موقفها. وطالبت بضرورة أن تُعلن فرنسا بوضوح دعمها للدور المصري في إدارة الملف الفلسطيني، انطلاقًا من إدراكها أن القاهرة تمثل صمام أمان أساسي في هذه الأزمة.

خلفية: فرنسا ومصر.. محطات دعم ومواقف مشتركة

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا سبق أن دعمت الموقف المصري في أكثر من محطة دولية، حيث:

شاركت باريس بفاعلية في جلسات مجلس الأمن الخاصة بسد النهضة عامي 2020 و2021، وأكدت ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوق مصر والسودان.

أيدت المقاربة المصرية الخاصة بضرورة حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي عبر المفاوضات، ورفض أي حلول أحادية الجانب مثل التهجير أو تغيير الوضع في القدس.

عملت مع القاهرة ضمن المنتدى الأوروبي – المتوسطي لتأمين الحدود وتعزيز الاستقرار في جنوب المتوسط.

حافظت على تنسيق استراتيجي رفيع المستوى مع مصر في ملفات الإرهاب والهجرة غير الشرعية، انطلاقًا من قناعة فرنسية بأن استقرار القاهرة يعني استقرار أوروبا.

مصر.. ركيزة استقرار لا غنى عنها

واختتمت مدير المركز الفرنسي تصريحاتها بالتأكيد على أن مصر تمثل ركيزة الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيرة إلى أن تجاهل مخاوفها المشروعة – سواء في قضية المياه أو في الملف الفلسطيني – سيؤدي إلى انعكاسات سلبية خطيرة على الأمن الإقليمي والدولي.

وقالت إن فرنسا والدول الأوروبية أمام اختبار حقيقي اليوم، إما أن تدعم مصر بوضوح في معاركها المصيرية، أو أن تتحمل كلفة الفوضى والاضطراب التي ستصيب المتوسط وأوروبا مباشرة إذا تُركت القاهرة تواجه هذه التحديات منفردة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.