بلمسة هاتف.. “جوجل باي” يفتح أبواب السعودية رسميا في قفزة رقمية تاريخية

المستخدمون السعوديون على موعد مع دفع آمن وسلس في المتاجر والتطبيقات عبر "محفظة جوجل"

إطلاق جوجل باي في السعودية: قفزة تاريخية نحو تعزيز المدفوعات الرقمية وتمكين الرؤية المستقبلية

كتب باهر رجب

مقدمة

في خطوة تاريخية تعكس التقدم التقني الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية، أعلن البنك المركزي السعودي “ساما” خلال فعاليات مؤتمر “موني 20/20 الشرق الأوسط” المنعقد في العاصمة الرياض عن الإطلاق الرسمي لخدمة المدفوعات الرقمية “جوجل باي” (Google Pay) في المملكة. يأتي هذا الإطلاق تتويجا لاتفاقية سابقة وقعها “ساما” مع شركة “غوغل” في يناير الماضي، ويمثل نقلة نوعية في منظومة الدفع الإلكتروني المحلي، مما يعزز مكانة السعودية كواحدة من الدول الرائدة في مجال التقنية المالية على مستوى العالم.

 

مؤتمر موني 20/20: منصة إطلاق العصر الجديد للمدفوعات الرقمية

استضاف مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض خلال الفترة من 15 إلى 17 سبتمبر 2025 فعاليات مؤتمر “موني 20/20 الشرق الأوسط”، الذي يعد أحد أهم الفعاليات العالمية في مجال التقنية المالية و المدفوعات الإلكترونية. حضر المؤتمر أكثر من 45 ألف زائر و600 مستثمر، بالإضافة إلى ممثلين عن كبرى الشركات والمؤسسات المالية العالمية، مما يؤكد على مكانة السعودية كمركز عالمي لقطاع الخدمات المالية والتقنية الحديثة.

شهد المؤتمر، الذي عقد تحت شعار “حيث يلتقي المال بالأعمال”، مناقشات معمقة حول أحدث التوجهات في مجال الذكاء الاصطناعي والتمويل والاقتصاد المفتوح، إلى جانب اللوائح التنظيمية وحوكمة البيانات. وكان الإعلان عن إطلاق “جوجل باي” أحد أبرز المحطات البارزة خلال فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، حيث مثل رسالة قوية للمجتمع الدولي حول التحول الكبير الذي تشهده المملكة في مجال الدفع الرقمي.

جوجل باي: ميزات تقنية وأبعاد استراتيجية

تمثل خدمة “جوجل باي” نظام دفع رقمي متطور يتيح للمستخدمين إجراء المعاملات المالية بسهولة وأمان عبر الأجهزة الذكية. تعتمد الخدمة على تقنية متطورة للاتصال قريب المدى (NFC)، مما يتيح للمستخدمين الدفع دون الحاجة إلى التلامس المادي للأجهزة، أو إدخال معلومات الدفع في كل عملية شراء.

 

أبرز ميزات الخدمة تشمل:

الدفع الآني:

إتمام عمليات الدفع بنقرة واحدة، مع ضمان أعلى مستويات الأمان والحماية.

التكامل مع محفظة جوجل:

تمكين المستخدمين من إضافة وإدارة بطاقات مدى والبطاقات الائتمانية الرقمية بسهولة وأمان عبر تطبيق “Google Wallet”.

الحماية المتقدمة:

استخدام تقنيات التشفير المتطورة وطبقات متعددة من الأمان لحماية معلومات الدفع، including إنشاء رقم حساب افتراضي (FPAN) بدلاً من استخدام معلومات البطاقة المصرفية الفعلية.

القبول الواسع:

يمكن استخدام الخدمة في المتاجر الفعلية والتطبيقات والإنترنت، مما يوفر تجربة دفع متكاملة وسلسة.

التعاون مع “مدى”: تكامل يحقق الرؤية الوطنية

يأتي إطلاق “جوجل باي” في السعودية نتيجة تعاون استراتيجي بين البنك المركزي السعودي وشركة “غوغل” من خلال نظام المدفوعات الوطني “مدى”، الذي يعد العامل الأساسي في نجاح عملية الدمج هذه. يمثل “مدى” البنية التحتية الوطنية للمدفوعات الإلكترونية، وقد مكن هذا النظام من تحقيق التكامل الفعال بين حلول الدفع الدولية والنظام المحلي، مما يضمن توفير تجربة دفع سلسة وآمنة للمستخدمين في المملكة.

 

وفقا لبيانات البنك المركزي السعودي، فإن هذا التعاون ينسجم تماماً مع مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي. الذي يعد أحد برامج رؤية السعودية 2030. كما يعكس التزام “ساما” بتطوير بنية تحتية متقدمة للمدفوعات الإلكترونية. تسهم في التحول نحو مجتمع أقل اعتماداً على النقد، من خلال توفير حلول دفع حديثة تتماشى مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات السوق المحلي.

إطلاق “علي باي بلس”: توسيع خيارات الدفع الدولية

بالإضافة إلى إطلاق “جوجل باي”، شهد المؤتمر الإعلان عن توقيع اتفاقية بين البنك المركزي السعودي وشركة “Ant International” لإتاحة خدمة قبول مدفوعات شبكة “علي باي بلس” (+Alipay) في المملكة خلال عام 2026. ستتيح هذه الخدمة لزوار المملكة والمستخدمين لمحافظ الدفع الرقمية العالمية المرتبطة بشبكة “علي باي بلس” إجراء عمليات دفع وشراء متطورة وآمنة في المتاجر المقدمة للخدمة.

 

تمثل هذه الخطوة امتدادا طبيعيا لجهود “ساما” في تعظيم منظومة المدفوعات الرقمية. وتوفير خيارات متنوعة للمستهلكين والتجار على حد سواء. مما يعزز من مكانة المملكة كوجهة financial technology رائدة على مستوى العالم.

التحول الرقمي: إنجازات ملموسة وأهداف طموحة

كشفت البيانات الصادرة خلال المؤتمر عن قفزة كبيرة في حصة المدفوعات الإلكترونية في المملكة. حيث ارتفعت من 18% فقط في عام 2016 إلى 79% في نهاية العام الماضي. مما جعل السعودية إحدى الدول الرائدة عالمياً في التحول نحو الاقتصاد غير النقدي. هذا التقدم الكبير يعكس الجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة في إطار رؤية 2030 لتعزيز الشمول المالي ودفع عجلة التحول الرقمي.

 

أشار وزير المالية محمد الجدعان خلال كلمته في المؤتمر إلى أن سوق المال السعودي يعد من بين الأسواق الأسرع نموا على مستوى العالم. حيث تجاوزت قيمته 2.4 تريليون ريال بنهاية الربع الثاني من عام 2025. كما لفت إلى أن عدد شركات التقنية المالية في المملكة تضاعف ليصل إلى 280 شركة بحلول منتصف العام الجاري. بينما سجل قطاع التأمين نمواً بنسبة 16.3% خلال عام 2024.

 

من جانبه، أكد محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري أن عدد شركات التقنية المالية في المملكة تضاعف 3 مرات منذ 2022. و جذبت استثمارات تجاوزت 9 مليارات ريال، فيما أصبحت منظومة المدفوعات السعودية من بين الأكثر تطوراً في العالم.

مستقبل المدفوعات الرقمية: آفاق واعدة وتحديات ملهمة

يعد إطلاق “جوجل باي” وخدمات الدفع الرقمية المماثلة خطوة محورية في مسيرة التحول الرقمي للمملكة. لكنه يمثل أيضا نقطة انطلاق toward future advancements أكثر تطورا. مع استمرار التطور التكنولوجي وتسارع وتيرة الابتكار المالي. من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة المزيد من الحلول المتطورة في مجال المدفوعات الإلكترونية. التي تركز على تحسين تجربة المستخدم وتعزيز الأمان والخصوصية.

 

في هذا الإطار، تؤكد السعودية على التزامها الكامل بدعم مبادرات الابتكار المسؤول من خلال برامج ومبادرات مثل البيئة التجريبية التشريعية. و فنتك السعودية، وبرنامج “مكن”، التي تهدف إلى تمكين الشركات الناشئة و المبتكرين في مجال التقنية المالية.

خاتمة

كما يمثل إطلاق “جوجل باي” في السعودية خلال مؤتمر “موني 20/20 الشرق الأوسط” علامة فارقة في مسيرة التحول الرقمي للمملكة. كما تعكس الرؤية الثاقبة للقيادة السعودية في تبني أحدث التقنيات والخدمات المالية التي تواكب المعايير العالمية وتلبي احتياجات المستهلكين. هذا الإنجاز الكبير ليس إلا حلقة واحدة في سلسلة طويلة من الإنجازات التي تحققها المملكة في إطار رؤية 2030. التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع و مزدهر، قائم على الابتكار والتقنية. وقادر على المنافسة على المستوى العالمي.

 

علاوة على ذلك مع استمرار هذا المسار التصاعدي في تبني التقنيات المالية الحديثة. فإن السعودية تؤكد مرة أخرى على مكانتها الريادية كمركز إقليمي وعالمي للتقنية المالية والابتكار. وقدرتها على قيادة التحول نحو أكثر تطورا و شمولا وكفاءة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.