القاهرة بوابة الأمل لتوحيد الصف الفلسطيني
بقلم/ إيمان سامي عباس
القاهرة .. منذ اندلاع أول حرب على غزة وحتى اليوم، تظل مصر وحدها الطرف الذي لا ينتهي دوره بمجرد وقف إطلاق النار، بل تبدأ مهمتها الحقيقية بعد ذلك، لتثبيت الهدوء وضمان استمرار الاستقرار والحفاظ على القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام الدولي. فبينما تكتفي الأطراف الأخرى بالتصريحات، تبقى القاهرة تواصل الليل بالنهار من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الذي طال أمده.
ومع كل حرب جديدة، تسارع القيادة المصرية إلى دعوة الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة، أملاً في تحقيق توافق وطني وتوحيد الصفوف تحت راية واحدة، دفاعاً عن الأرض والحق. ورغم أن بيانات التوافق السابقة كثيراً ما انتهت بالخلافات، فإن المشهد هذه المرة يبدو مختلفاً؛ فالفصائل جاءت إلى القاهرة بعد أن أنهكتها الحرب، وأدركت أن استمرار الانقسام لم يعد خياراً قابلاً للحياة.

خلال الاجتماعات الأخيرة، وفرت المخابرات المصرية كل مقومات النجاح للحوار الفلسطيني، والتقى رئيسها قيادات الفصائل مؤكداً أن اللحظة الراهنة لا تحتمل تردداً، وأن الفرصة التاريخية تستوجب توحيد الصفوف. وقد صدر بيان مشترك مبشر يؤكد نية الفصائل إنهاء الانقسام وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لكل الفلسطينيين.

ـمصر ودورها الثابت في حماية القضية الفلسطينية
هذه المرة، بدا البيان مختلفاً في اللغة والمضمون، فالرغبة في الوحدة باتت حقيقية مدفوعة بعدة أسباب؛ أولها أن دروس الحرب الأخيرة كشفت أن الانقسام ضعف قاتل، وأن أي فصيل بمفرده هدف سهل للاحتلال. كما أن التغيرات الإقليمية والدولية فرضت واقعاً جديداً يجعل من التوحد ضرورة، وليس خياراً سياسياً. فالدول الداعمة لم تعد قادرة على تمويل الانقسام، والمجتمع الدولي نفسه بدأ يربط تعاطفه بمدى وحدة الفلسطينيين حول قضيتهم.
أضف إلى ذلك أن الداخل الفلسطيني تغيّر هو الآخر؛ فالشعب الذي صمد أمام العدوان لعامين لن يقبل مجدداً أن يكون ضحية خلافات الفصائل، وصار أكثر جرأة في مواجهة أي جهة تحاول فرض نفوذها عليه. ومصر من جانبها وضعت الجميع أمام مسؤولياتهم بوضوح، مؤكدة أن الفرصة الحالية قد لا تتكرر، وأن ضياعها سيكون ثمنه فادحاً على الجميع.

ـ بيان القاهره بدايه جديده .. أم وعد يتكرر ؟
لذلك، تبدو المرحلة الحالية فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني. فالمطلوب اليوم أن تكون البوصلة واحدة، والراية واحدة، والانتماء واحداً لفلسطين وحدها. وإذا صدقت النوايا، فقد تكون هذه هي المرة التي يُغلق فيها ملف الانقسام إلى الأبد، وتُكتب بداية جديدة لقضية أرهقها الانقسام وأحياها الصمود.
لقد أدت مصر دورها على أكمل وجه، أوقفت الحرب، ومنعت التهجير، وسعت بصدق إلى لمّ الشمل الفلسطيني. والآن، الكرة في ملعب الفصائل نفسها؛ فإما أن تحافظ على فرصتها الأخيرة في بناء الدولة واستعادة الوحدة، أو أن تفرط فيها، وعندها لن يبقى أمامها سوى الندم.

كاتبه المقال إيمان سامي عباس
