العقار والسياحة.. تحالف اقتصادي يصنع مستقبل مصر 2030
العقار والسياحة.. تحالف اقتصادي يصنع مستقبل مصر 2030
✍️ بقلم: طه المكاوي
لم يعد الفصل بين القطاعين العقاري والسياحي ممكنًا في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية. فالعقار لم يعد مجرد مبانٍ تُشيَّد، ولا السياحة مجرد فنادق تستقبل الزوار، بل أصبحا معًا قاطرة مزدوجة لتحريك الاستثمار، وتوليد الوظائف، وجذب العملة الصعبة، ورفع تصنيف مصر التنافسي عالميًا.
هذا ما أكدته النسخة السابعة من مؤتمر «صناع القرار»، الذي جاء هذا العام تحت عنوان: «نحو رؤية تكاملية بين القطاعين السياحي والعقاري لدعم الاقتصاد المصري»، بحضور مكثف من قيادات كبرى الشركات والمستثمرين والمسؤولين الحكوميين والخبراء والإعلاميين، تحت رعاية وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، ووزارة السياحة والآثار، والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي.
منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن النقاش لم يكن بروتوكوليًا، بل إستراتيجياً موجّهًا نحو سؤال واحد: كيف نُفعّل التحالف بين العقار والسياحة ليصبح مشروعًا قوميًا بحجم رؤية مصر 2030؟
دعم حكومي ثابت.. وشراكة لا تعرف التراجع
في كلمته الافتتاحية، أكد المهندس سامر فراج، الرئيس التنفيذي لشركة سان آند سام، أن الحضور الحكومي منذ النسخة الأولى للمؤتمر كان وقودًا لاستمرار هذه المنصة الحوارية المؤثرة. وقال بوضوح: «لولا هذا الدعم لما تحولت الرؤى إلى خطط، ولا الخطط إلى مشروعات قائمة بالفعل».
ثورة عمرانية تمهّد للمليون سائح التالي
كشف المهندس مصطفى منير عن ما وصفه بـ «ثورة عمرانية» تقودها الدولة عبر مشاريع التحول الذكي وإعادة تطوير المناطق التاريخية مثل مجرى العيون، ومحيط المتحف المصري، ومتحف الحضارة، ومجمع الأديان، بهدف توجيه العمران لخدمة السياحة وليس العكس.
وبحسب تقديراته، فإن كل مشروع تطوير عمراني يرفع القدرة على جذب السائح قبل المستثمر.
البنية التحتية.. العامل الخفي وراء قفزة 2024
من جهته، أكد المهندس أحمد يوسف، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، أن الزيادة الملحوظة في أعداد السائحين خلال عام 2024 لم تأتِ من الحملات التسويقية فقط، بل من الطرق، والمطارات، وشبكات النقل الذكية التي جعلت تجربة الوصول والتنقل أكثر سهولة.
وأضاف: «نحن لا نروّج لمصر كمنتج سياحي فحسب، بل كحالة أمل وفخر وطني».
العقار والسياحة.. وجهان لعملة واحدة
بلهجة حاسمة، أكد المهندس عمرو سلطان، الرئيس التنفيذي لشركة LMD، أن العقار هو المحرك الأساسي للسياحة الحديثة، والسياحة هي المبرر الاستثماري للعقار. وكشف أن مصر طورت أكثر من 200 مليون متر مربع بالشراكة مع مستثمرين محليين وإقليميين خلال عامين فقط، ما يمهد لاستقبال أكثر من 30 مليون سائح سنويًا.
لا وجود لـ «فقاعة عقارية».. بل فجوة بين العرض والطلب
ردًّا على المخاوف المتداولة، نفى المهندس طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان ورئيس غرفة التطوير العقاري، وجود أي مؤشرات على ما يُعرف بـ«الفقاعة العقارية»، مؤكدًا أن الطلب الحقيقي في مصر يتجاوز الطاقة الإنتاجية للمطورين، وأن العقار يظل الملاذ الآمن للمصريين، سواء للسكن أو الاستثمار أو الادخار.
الفرص خارج العاصمة.. مصر تُبنى من الأطراف
كشف المهندس محمد إسلام عن خطط لإنشاء أكبر مدينة ترفيهية في صعيد مصر، مؤكداً أن الفرص لم تعد محصورة في القاهرة والساحل الشمالي، بل تمتد إلى قنا وسوهاج ومطروح والبحر الأحمر.
وأوضح المهندس أيمن عامر، أن الساحل الشمالي أصبح اليوم نموذجًا عالميًا لمشروعات الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص.
العاصمة الإدارية والمتحف الكبير.. منصّتا الترويج للعالم
سلّط الدكتور عمرو العدل الضوء على نجاح نموذج المطور العام في العاصمة الإدارية، فيما أشار السيد محمد مطاوع إلى مشروع الفنادق العائمة كآلية مبتكرة لربط الوجهات السياحية دون الاعتماد على المطارات.
وأكد المهندس أحمد صالح أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد صرح ثقافي، بل منصة تسويقية عالمية قادرة على مضاعة أعداد الزوار سنويًا.
توصيات ختامية.. نحو تحالف استراتيجي لا مجرد تعاون
خرج المؤتمر بعدة رسائل حاسمة، أبرزها:
الاستثمار في السياحة يجب أن يُنظر إليه كاستثمار عقاري طويل الأجل.
والاستثمار العقاري يجب أن يُدار بمنطق المنتج السياحي القابل للتسويق عالميًا.
والتحالف بين القطاعين يجب أن يُعامل باعتباره مشروعًا قوميًا لا صفقة اقتصادية عابرة.كما
ختامًا.. الفرصة الآن أو لا تكون
إن ما طرحه «صناع القرار» هذا العام لا يمكن اعتباره مجرد جلسة نقاشية، بل بداية تحالف اقتصادي جديد يُعيد صياغة دور مصر في خريطة الاستثمار العالمي.
فالسؤال لم يعد: كيف نبني أو كيف نستقبل سائحًا؟
بل أصبح: كيف نُحوّل كل مدينة جديدة إلى منتج سياحي؟ وكيف نصنع من كل مشروع سياحي رافدًا عقاريًا مربحًا؟