بينما تنعقد الجدايل وتصرخ الطائرات .. مات أطفال فلسطين

بينما تنعقد الجدايل وتصرخ الطائرات .. مات أطفال فلسطين

بينما تنعقد الجدايل وتصرخ الطائرات .. مات أطفال فلسطين

 

بينما تنعقد الجدايل وتصرخ الطائرات..في اليوم العالمي للطفل، أذكر عندما كنت طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات، وكانت أمي تمشط شعري الكثيف فتقسمه إلى نصفين لتصنع لي جديلتين متشابكتين، تضع في طرفيهما فيونكة.

بقلم / علياء نجاح

حينها كنت أتذمر وأبكي لأنني لا أحب الجدايل؛ كنت أرغب في أن يبقى شعري منسدلًا على ظهري ليرفرف خلفي وأنا أحلق بطائرتي الورقية مع رفاقي في الشارع.

أقرأ المزيد:انطلاق النسخة الـ12 للملتقى الدولي للإعلاميين الأفارقة  والمخاطر

في ذلك الوقت، طرقت مسامعي كلمات كان يرددها الصغار والكبار مثل: “القدس عاصمة فلسطين، الأقصى لنا”. حينها علمت، وللمرة الأولى، أن الأرض تضم في طياتها أناسًا أشرارًا. كنت أظن أن الجميع يحملون قلوب الأطفال معهم طيلة حياتهم، قبل أن أعرف أن الإنسان هو مصدر الشر الحقيقي. فكنت أتساءل كثيرًا: ماذا فعلت فلسطين ليحدث بها كل هذا؟ ماذا فعل الأطفال الأبرياء ليُقتلوا هكذا من دون رحمة؟

في اليوم التالي، ذهبت إلى المدرسة، وإذ بالجميع يتحدثون عن غزة وما تتعرض له من ظلم فاحش. وفي الحصة الأولى، سرد لنا المعلم قصة الطفل “محمد الدرة”، الذي قُتل عام 2000، وكنت أبلغ حينها عامًا واحدًا. ربما كنت أتناول الحليب في ذلك الوقت، أو أصافح الأرض بخطواتي الأولى، حينما كان الأطفال يُقتلون في فلسطين. هناك من رحل منهم قبل أن يتعلم المشي، وهناك من قُتل قبل أن تتذوق والدته لذة هذا الشعور. وربما مات من كان جنينًا في بطن أمه، وأخذها معه ليكبروا سوياً في جنة الخلد.

شاهدت صورة “الدرة” بين أحضان أبيه يختبئان خلف برميل مياه. ظننتهم يلعبون كما ألعب مع أصدقائي؛ فكنا نختبئ ليعثر علينا أحد الرفاق، فتتعالى ضحكاتنا، في الوقت الذي كانت تُقطع فيه أنفاس الأطفال في غزة بأيدي الاحتلال.

 

ثم سرد لنا المعلم كيف قُسمت فلسطين إلى أجزاء. ارتسمت في مخيلتي كقطعة حلوى شديدة اللذة، يتشاجر عليها جموع من الأشرار، وكل واحد منهم يرغب في الاستحواذ عليها، حتى مُزقت وتلوثت بأيديهم المدنسة. لكنها بقيت برائحتها الذكية الطيبة، بمذاقها الرائع… ليت الأمر بهذه السهولة، ليتني ظللت أنظر من هذه الزاوية الطفولية البريئة، ولم أكبر أو أدرك أن الأمر بالغ الصعوبة.

لكنني كبرت وأدركت خطورته. أصبحت أشاهد آلاف الأطفال تُسفك دماؤهم كل يوم من دون شفقة، والعالم لا يحرك ساكنًا.

يستحق كل طفل أن يعيش بسلام، أن تصنع كل أم جديلة لصغيرتها، أن يلهو الصبية ويلعبوا كرة القدم في الشارع من دون خوف، أن تتعالى أصوات ضحكات الأطفال لتطغى على ضربات الصواريخ وإطلاق النيران. يحق لكل أم أن ترى طفلها وهو يكبر ويترعرع أمام أنظارها.

المزيد:الكلمة الكاملة لمعالي السفير عبدالله الرحبي في العيد الوطنى 54 لسلطنة عمان

أتمنى في العام القادم لأطفال غزة أن يصبحوا سعداء آمنين مطمئنين. وأرغب لنفسي بشباب خالٍ من الشعور بالخزي والعجز الذي أشعر به الآن.

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.